Details

تفسير الإمام الحسن العسكري عليه السلام


عن المعصومين عليهم السلام :

من طريق الراوة :



الحديث الشريف :
" قال الامام عليه ‌السلام: قال علي بن الحسين عليهما ‌السلام: لما بعث الله محمدا صلى ‌الله‌ عليه‌ وآله بمكة وأظهر بها دعوته، ونشر بها كلمته، وعاب أديانهم في عبادتهم الاصنام، وأخذوه وأساء‌وا معاشرته، وسعوا في خراب المساجد المبنية - كانت لقوم من خيار أصحاب محمد وشيعته وشيعة علي بن أبي طالب عليه ‌السلام -. كان بفناء الكعبة مساجد يحيون فيها ما أمانة المبطلون، فسعى هؤلاء المشركون في خرابها، وأذى محمد صلى ‌الله‌ عليه‌ وآله وسائر أصحابه، وألجأوه إلى الخروج من مكة إلى المدينة، التفت خلفه اليها فقال: الله يعلم أني أحبك، ولو لا أن أهلك أخرجوني عنك لما آثرت عليك بلدا، ولا ابتغيت عنك بدلا، واني لمغتم على مفارقتك. فأوحى الله تعالى اليه: يا محمد ان العلي الاعلى يقرأ عليك السلام، ويقول: سأردك إلى هذا البلد ظافرا غانما سالما، قادرا، قاهرا، وذلك قوله تعالى. (ان الذي فرض عليك القرآن لرادك إلى معاد) يعني إلى مكة ظافرا غانما، وأخبر بذلك رسول الله صلى ‌الله‌ عليه‌ وآله أصحابه، فاتصل بأهل مكة فسخروا منه. فقال الله تعالى لرسوله صلى ‌الله‌ عليه‌ وآله: سوف اظهرك بمكة، واجري عليهم حكمي، وسوف أمنع عن دخولها المشركين حتى لا يدخلها منهم أحد الاخائفا، أو دخلها مستخفيا من أنه ان عثر عليه قتل. فلما حتم قضاء الله بفتح مكة استوسقت له أمر عليهم عتاب بن اسيد فلما اتصل بهم خبره قالوا: ان محمد لا يزال يستخف بنا حتى ولى علينا غلاما حديث السن ابن ثمانية عشر سنة، ونحن مشايخ ذوو الاسنان، خدام بيت الله الحرام وجيران حرمه الامن، وخير بقعة له على وجه الارض. وكتب رسول الله صلى ‌الله‌ عليه‌ وآله لعتاب بن اسيد عهدا على أهل مكة، وكتب في أوله: بسم الله الرحمن الرحيم من محمد رسول الله صلى ‌الله‌ عليه‌ وآله إلى جيران بيت الله وسكان حرم الله. أما بعد، فمن كان منكم بالله مؤمنا، وبمحمد رسول الله في أقواله مصدقا، وفي أفعاله مصوبا، ولعلي أخي محمد رسوله وصفيه ووصيه وخير خلق الله بعده مواليا، فهو منا والينا. ومن كان لذلك أو لشئ منه مخالفا، فسحقا وبعدا لاصحاب السعير، لا يقبل الله شيئا من أعماله وان عظم وكثر ويصليه نار جهنم خالد مخلدا أبدا، وقد قلد محمد رسول الله صلى ‌الله‌ عليه‌ وآله عتاب بن اسيد أحكامكم ومصالحكم، قد فوض اليه تنبيه غافلكم، وتعليم جاهلكم، وتقويم أود مضطر بكم، وتأديب من زال عن أدب الله منكم، لما علم من فضله عليكم من موالاة محمد رسول الله صلى ‌الله‌ عليه‌ وآله ومن رجحانه في التعصب لعلي ولي الله فهو لنا خادم، وفي الله أخ، ولاوليائنا موال، ولاعدائنا معاد، وهو لكم سماء ظليلة، وأرض زكية، وشمس مضيئة، وقمر منير، قد فضله الله تعالى على كافتكم بفضل موالاته، ومحبته لمحمد وعلي والطيبين من آلهما وحكمته عليكم، يعمل بما يريد الله فلن يخليه من توفيقه كما أكمل من موالاة محمد وعلي شرفه وحظه، ولا يؤامر رسول الله صلى ‌الله‌ عليه‌ وآله ولا يطالعه، بل هو السديد الامين، فليعمل المطيع منكم، وليف بحسن معاملته ليسر بشريف الجزاء، وعظيم الحباء، وليوفر المخالف له بشديد العقاب، وغضب الملك العزيز الغلاب، ولا يحتج محتج منكم في مخالفته بصغر سنه، فليس الاكبر هو الافضل بل الافضل هو الاكبر، وهو الاكبر في موالاتنا وموالاة أوليائنا، ومعاداة أعدائنا فلذلك جعلناه الامير لكم والرئيس عليكم، فمن أطاعه فمرحبا به، ومن خالفه فلا يبعد الله غيره. قال: فلما وصل اليهم عتاب، وقرأ عهده، وقف فيهم موقفا ظاهرا، ونادى في جماعتهم حتى حضروه وقال لهم: معاشر أهل مكة ان رسول الله صلى ‌الله‌ عليه‌ وآله رماني بكم شهابا محرقا لمنافقيكم، ورحمة وبركة على مؤمنيكم، وانى أعلم الناس بكم وبمنافقيكم، وسوف آمركم بالصلاة فيقام لها، ثم أتخلف اراعي الناس، فمن وجدته قد لزم الجماعة التزمت له حق المؤمن على المؤمن، ومن وجدته قد قعد عنها فتشته، فان وجدت له عذرا أعذرته، وان لم أجد له عذرا ضربت عنقه حتما من الله مقضيا على كافتكم لاطهر حرم الله من المنافقين. فأما بعد، فان الصدق أمانه، والفجور خيانة، ولن تشيع الفاحشة في قوم الا ضربهم الله بالذل، قويكم عندي ضعيف حتى آخذ الحق منه، وضعيفكم عندي قوي حتي آخذ له الحق، اتقوا الله وشرفوا بطاعة الله أنفسكم، ولا تذلوها بمخالفة ربكم. ففعل والله كما قال، وعدل وأنصف وأنفذ الاحكام، مهتديا بهدى الله، غير محتاج إلى مؤامرة ولا مراجعة. ‏"


   Back to List