عن المعصومين عليهم السلام :
من طريق الراوة :
الحديث الشريف :
" وقال أمير المؤمنين عليه السلام: فكما أن بعض بني اسرائيل أطاعوا فأكرموا، وبعضهم عصوا فعذبوا، فكذلك تكونون أنتم. قالوا: فمن العصاة يا أمير المؤمنين؟ قال عليه السلام: الذين أمروا بتعظيمنا أهل البيت، وتعظيم حقوقنا، فخالفوا ذلك، وعصوا وجحدوا حقوقنا واستخفوا بها، وقتلوا أولاد رسول الله صلى الله عليه وآله الذين أمروا بأكرامهم ومحبتهم، قالوا: يا أمير المؤمنين وان ذلك لكائن؟ قال عليه السلام: بلى خبرا حقا، وأمرا كائنا، سيقتلون ولدي هذين الحسن الحسين عليهما السلام. ثم قال أمير المؤمنين عليه السلام: وسيصيب أكثر الذين ظلموا رجزا في الدنيا بسيوف بعض من يسلط الله تعالى عليهم للانتقام بما كانوا يفسقون كما أصاب بني اسرائيل الرجز. قيل: ومن هو؟ قال: غلام من ثقيف، يقال له "" المختار بن أبي عبيد "". وقال على بن الحسين عليهما السلام: فكان ذلك بعد قوله هذا بزمان. وان هذا الخبر اتصل بالحجاج بن يوسف عليه لعائن الله من قول علي بن الحسين عليهما السلام فقال: أما رسول الله فما قال هذا، وأما علي بن أبي طالب فأنا أشك هل حكاه عن رسول الله، وأما علي بن الحسين فصبي مغرور، يقول الاباطيل ويغربها متبعوه، اطلبوا الي المختار. فطلب، وأخذ فقال: قدموه إلى النطع واضربوا عنقه فأتي بالنطع فبسط وأنزل عليه المختار، ثم جعل الغلمان يجيئون ويذهبون لا يأتون بالسيف. قال الحجاج: مالكم؟ قالوا: لسنا نجد مفتاح الخزانة، وقد ضاع منا، والسيف في الخزانة. فقال المختار: لن تقتلني، ولن يكذب رسول الله صلى الله عليه وآله، ولئن قتلتني ليحييني الله حتى أقتل منكم ثلاثمائة وثلاثة وثمانين ألفا. فقال الحجاج لبعض حجابه: أعط السياف سيفك يقتله به. فأخذ السياف بسيفه فجاء ليقتله به، والحجاج يحثه ويستعجله، فبينا هو في تدبيره اذ عثر والسيف في يده، وأصاب السيف بطنه، فشقه ومات، وجاء بسياف آخر، وأعطاه السيف فلما رفع يده ليضرب عنقه لدغته عقرب وسقط فمات، فنظروا واذا العقرب، فقتلوه. فقال المختار: يا حجاج انك لن تقدر على قتلي، ويحك يا حجاج أما تذكر ما قال نزار بن معد بن عدنان لسابور ذي الاكتاف حين كان يقتل العرب، ويصطلمهم فأمر نزار ولده فوضعفي زنبيل في طريقه، فلما رآه قال له: من أنت؟ قال: أنا رجل من العرب، أريد أن أسألك لم نقتل هؤلاء العرب ولا ذنوب لهم اليك، وقد قتلت الذين كانوا مذنبين وفي عملك مفسدين؟ قال: لاني وجدت في الكتب أنه يخرج منهم رجل يقال له "" محمد "" يدعي النبوة، فيزيل دولة ملوك الاعاجم ويفنيها، فأما أقتلهم حتى لا يكون منهم ذلك الرجل. قال: فقال له نزار، لئن كان من وجدته من كتب الكذابين، فلما أولاك أن تقتل البراء غير المذنبين بقول الكاذبين! وان كان ذلك من قول الصادقين، فان الله سبحانه سيحفظ ذلك الاصل الذي يخرج منه هذا الرجل، ولن تقدر على ابطاله ويجري قضاءه، وينفذ أمره، ولو لم يبق من جميع العرب الا واحد. فقال سابور: صدق، هذا نزار - بالفارسية يعني المهزول -، كفوا عن العرب فكفوا عنهم. ولكن يا حجاج ان الله قد قضى أن أقتل منكم ثلاثمائة وثلاثة وثمانين ألف رجل، فان شئت فتعاط قتلي، وان شئت فلا تتعاط، فان الله تعالى أما أن يمنعك عني، واما أن يحييني بعد قتلك، فان قول رسول الله صلى الله عليه وآله حق لامرية فيه. فقال للسياف: اضرب عنقه. فقال المختار: ان هذا لن يقدر على ذلك، وكنت أحب أن تكون أنت المتولي لما تأمره، فكان يسلط عليك أفعى كما سلط على هذا الاول عقربا. فلما هم السياف بضرب عنقه اذا برجل من خواص عبدالملك بن مروان قد دخل فصاح: يا سياف كف عنه ويحك، ومعه كتاب من عبدالملك بن مروان، فاذا فيه: بسم الله الرحمن الرحيم أما بعد يا حجاج بن يوسف فانه سقط الينا طائر عليه رقعة فيها: أنك أخذت المختار بن أبي عبيد تريد قتله، وتزعم أنه حكى عن رسول الله صلى الله عليه وآله أنه سيقتل من أنصار بني أمية ثلاثمائة وثلاثة وثمانين ألف رجل، فاذا أتاك كتابي هذا فخل عنه، ولا تتعرض له الا بسبيل خير فانه زوج ظئر ابني الوليد ابن عبدالملك بن مروان، وقد كلمني فيه الوليد، وان الذي حكى ان كان باطلا فلا معنى لقتل رجل مسلم بخبر باطل، وان كان حقا فانك لا تقدر على تكذيب قول رسول لله صلى الله عليه وآله "". فخلى عنه الحجاج، فجعل المختار يقول: سأفعل كذا، وأخرج وقت كذا، وأقتل من الناس كذا، وهؤلاء صاغرون يعنى بني اميه. فبلغ ذلك الحجاج، فاخذ وأنزل لضرب العتق؟؟ فقال المختار: انك لن تقدر على ذلك، فلا تتعاط ردا على الله. وكان في ذلك اذ أسقط طائر آخر عليه كتاب من عبدالملك بن مروان: بسم الله الرحمن الرحيم يا حجاج لا تتعرض للمختار، فانه زوج مرضعة ابني الوليد، ولئن كان حقا فتمنع من قتله كما منع "" دانيال "" من قتل "" بخت نصر "" الذى كان الله قضى أن يقتل بنى اسرائيل.فتركه الحجاج وتوعده ان عاد لمثل مقالته.فعاد بمثل مقالته، فاتصل بالحجاج الخبر، فطلبه فاختفى مدة ثم ظفر به فاخذ.فلما هم بضرب عنقه اذ قد ورد عليه كتاب من عبدالملك أن أبعث الي المختار.فاحتبسه الحجاج وكتب إلى عبدالملك: كيف تأخذ اليك عدوا مجاهرا يزعم أنه يقتل من أنصار بنى امية كذا وكذا ألفا فبعث اليه عبدالملك: انك رجل جاهل، لئن كان الخبر فيه باطلا فما أحقنا برعاية حقه لحق من خدمنا، وان كان الخبر فيه حقا، فانا سنربيه ليسلط علينا كما ربى فرعون موسى حتى تسلط عليه فبعثه اليه الحجاج، فكان من أمر المختار ماكان، وقتل من قتل. وقال علي بن الحسين عليهما السلام لاصحابه وقد قالوا له: يابن رسول الله ان أمير المؤمنين عليه السلام ذكر من أمر المختار ولم يقل متى يكون قتله ولمن يقتل. فقال علي بن الحسين عليه السلام: صدق أمير المؤمنين عليه السلام؟ أولا أخبركم متى يكون؟ قالوا: بلي قال: يوم كذا إلى ثلاث سنين من قوله هذا لهم، وسيؤتى برأس عبيدالله بن زياد وشمر بن ذي الجوشن(عليهما اللعنة) في يوم كذا وكذا وسنأكل وهما بين أيدينا ننظر اليهما. قال: فلما كان في اليوم الذي اخبرهم أنه يكون فيه القتل من المختار لاصحاب بني امية كان علي بن الحسين عليهما السلام مع أصحابه على مائدة اذ قال لهم: معاشر اخواننا طيبوا نفسا وكلوا، فانكم تأكلون وظلمة بني امية يحصدون. قالوا: أين؟ قال عليه السلام في موضع كذا يقتلهم المختار، وسيؤتى بالرأسين يوم كذا وكذا. فلما كان في ذلك اليوم أتي بالرأسين لما أراد أن يقعد للاكل، وقد فرغ من صلاته، فلما رآهما سجد وقال: الحمد لله الذي لم يمتني حتى أراني، فجعل يأكل وينظر اليهما. فلما كان في وقت الحلواء لم يؤت بالحلواء لما كانوا قد اشتغلوا عن عمله بخبر الرأسين، فقال ندماؤه: لم نعمل اليوم حلواء؟ فقال علي بن الحسين عليهما السلام: لا نريد حلواء أحلى من نظرنا إلى هذين الرأسين؟ !. ثم عاد إلى قول أمير المؤمنين عليه السلام، قال عليه السلام: وما للكافرين والفاسقين عند الله أعظم وأوفى. "