عن المعصومين عليهم السلام :
من طريق الراوة :
الحديث الشريف :
" فلما مثل بين يدي رسول الله صلى الله عليه وآله قال رسول الله صلى الله عليه وآله بأعلى صوته: يا عباد الله من أراد أن ينظر إلى آدم في جلالته، وإلى شيث في حكمته، وإلى إدريس في نباهته ومهابته، وإلى نوح في شكره لربه وعبادته، وإلى إبراهيم في خلته ووفائه، وإلى موسى في بغض كل عدو لله ومنابذته، وإلى عيسى في حب كل مؤمن وحسن معاشرته، فلينظر إلى علي بن أبي طالب هذا. فأما المؤمنون فازدادوا بذلك إيمانا، وأما المنافقون فازداد نفاقهم. فقال الاعرابي: يا محمد هكذا مدحك لابن عمك. إن شرفه شرفك، وعزه عزك، ولست أقبل من هذا شيئا إلا بشهادة من لا تحتمل شهادته بطلانا ولا فسادا بشهادة هذا الضب !. فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: يا أخا العرب فأخرجه، من جرابك لتستشهده، فيشهد لي بالنبوة، ولاخي هذا بالفضيلة. فقال الاعرابي: لقد تعبت في اصطياده، وأنا خائف أن يطفر ويهرب. فقال رسول الله: لا تخف فانه لا يطفر ولا يهرب بل يقف، ويشهد لنا بتصديقنا وتفضيلنا، فقال الاعرابي: إني أخاف أن يطفر. فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: فان طفر فقد كفاك به تكذيبا لنا، واحتجاجا علينا، ولن يطفر، ولكنه سيشهد لنا بشهادة الحق، فاذا فعل ذلك فخل سبيله، فان محمدا يعوضك عنه ماهو خير لك منه. فأخرجه الاعرابي من الجراب، ووضعه على الارض، فوقف واستقبل رسول الله صلى الله عليه وآله ، ومرغ خديه في التراب ثم رفع رأسه، وأنطقه الله تعالى فقال: أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله وصفيه و سيد المرسلين، وأفضل الخلق أجمعين، وخاتم النبيين، وقائد الغر المحجلين. وأشهد أن أخاك هذا علي بن أبي طالب على الوصف الذي وصفته، وبالفضل الذي ذكرته، وأن أولياءه في الجنان يكرمون، وأن أعداه في النار يهانون. فقال الاعرابى وهو يبكى: يا رسول الله وأنا أشهد بما شهد به هذا الضب، فقد رأيت وشاهدت وسمعت ما ليس لي عنه معدل ولا محيص. ثم أقبل الاعرابي إلى اليهود فقال: ويلكم أي آية بعد هذه تريدون؟ ومعجزة بعد هذه تقترحون؟ ليس إلا أن تؤمنوا أو تهلكوا أجمعين. فآمن أولئك اليهود كلهم وقالوا: عظمت بركة ضبك علينا يا أخا العرب. ثم قال رسول الله صلى الله عليه وآله: خل الضب على أن يعوضك الله عزوجل عنه ما هو خير منه، فانه ضب مؤمن بالله وبرسوله وبأخي رسوله شاهد بالحق، ما ينبغي أن يكون مصيدا ولا أسيرا، ولكنه يكون مخلى سربه تكون له مزية على سائر الضباب بما فضله الله أميرا. فناداه الضب: يا رسول الله فخلني وولني تعويضه لا عوضه. فقال الاعرابي: وما عساك تعوضني؟ قال: تذهب إلى الجحر الذي أخذتني منه ففيه عشرة آلاف دينار خسروانية، وثلاثمائة ألف درهم، فخذها. قال الاعرابي: كيف أصنع؟ قد سمع هذا - من هذا الضب - جماعات الحاضرين هاهنا، وأنا متعب، فلن آمن ممن هو مستريح يذهب إلى هناك فيأخذه. فقال الضب: يا أخا العرب إن الله تعالى قد جعله لك عوضا مني، فما كان ليترك أحدا يسبقك إليه، ولا يروم أحد أخذه إلا أهلكه الله. وكان الاعرابي تعبا، فمشى قليلا، وسبقه إلى الجحر جماعة من المنافقين كانوا بحضرة رسول الله صلى الله عليه وآله، فأدخلوا أيديهم إلى الجحر ليتناولوا منه ما سمعوا، فخرجت عليهم أفعى عظيمة، فلسعتهم وقتلتهم، ووقفت حتى حضر الاعرابي. فقالت له: يا أخا العرب، انظر إلى هؤلاء كيف أمرني الله بقتلهم دون مالك - الذي هو عوض ضبك - وجعلني حافظته فتناوله. فاستخرج الاعرابي الدراهم والدنانير، فلم يطق احتمالها، فنادته الافعى: خذ الحبل الذي في وسطك، وشده بالكيسين، ثم شد الحبل في ذنبي فاني سأجره لك إلى منزلك، وأنا فيه حارسك وحارس مالك هذا. فجاءت الافعى، فما زالت تحرسه والمال إلى أن فرقه الاعرابي في ضياع وعقار وبساتين اشتراها، ثم انصرفت الافعى. "