عن المعصومين عليهم السلام :
من طريق الراوة :
الحديث الشريف :
" قال الامام عليه السلام: قال الصادق عليه السلام:(ولما جاءهم) جاء هؤلاء اليهود ومن يليهم من النواصب(رسول من عند الله مصدق لما معهم) القرآن مشتملا على وصف فضل محمد وعلي، وإيجاب ولايتهما، وولاية أوليائهما، وعداوة أعدائهما(نبذ فريق من الذين أوتوا الكتاب كتاب الله) اليهود التوراة وكتب أنبياء الله عليهمالسلام (وراء ظهورهم) وتركوا العمل بما فيها وحسدوا محمدا على نبوته، وعليا على وصيته، وجحدوا على ما وقفوا عليه من فضائلهما(كأنهم لا يعلمون) فعلوا من جحد ذلك والرد له فعل من لا يعلم، مع علمهم بأنه حق. (واتبعوا) هؤلاء اليهود والنواصب(ما تتلوا) ما تقرأ(الشياطين على ملك سليمان) وزعموا أن "" سليمان "" بذلك السحر والنيرنجات نال ماناله من الملك العظيم قصدوهم به عن كتاب الله، وذلك أن اليهود الملحدين والنواصب المشاركين لهم في إلحادهم لما سمعوا من رسول الله صلى الله عليه وآله فضائل علي بن أبي طالب عليه السلام، وشاهدوا منه ومن علي عليه السلام المعجزات التي أظهرها الله تعالى لهم على أيديهما، أفضى بعض اليهود والنصاب إلى بعض وقالوا: ما محمد إلا طالب دنيا بحيل ومخاريق وسحر ونيرنجات تعلمها، وعلم عليا عليه السلام بعضها، فهو يريد أن يتملك علينا في حياته، ويعقد الملك لعلي بعده، وليس مايقوله عن الله تعالى بشئ، إنما هو قوله فيعقد علينا وعلى ضعفاء عباد الله بالسحر والنيرنجات التي يستعملها، وأوفر الناس كان حظا من هذا السحر "" سليمان بن داود "" الذي ملك بسحره الدنيا كلها من الجن والانس والشياطين، ونحن إذا تعلمنا بعض ماكان تعلمه سليمان، تمكنا من إظهار مثل ما يظهره محمد وعلي، وادعينا لانفسنا ما يجعله محمد لعلي، وقد استغنينا عن الانقياد لعلي. فحينئذ ذم الله تعالى الجميع من اليهود والنواصب فقال الله عزوجل:(نبذوا كتاب الله) الآمر بولاية محمد وعلي(وراء ظهورهم) فلم يعملوا به(واتبعوا ما تتلوا) كفرة(الشياطين) من السحر والنيرنجات(على ملك سليمان) الذين يزعمون أن سليمان به ملك ونحن أيضا به نظهر العجائب حتى ينقاد لنا الناس ونستغني عن الانقياد لعلي عليه السلام. قالوا: وكان سليمان كافرا ساحرا ماهرا، بسحره ملك ماملك، وقدر على ماقدر فرد الله تعالى عليهم فقال:(وما كفر سليمان) ولا استعمل السحر كما قال هؤلاء الكافرون(ولكن الشياطين كفروا يعلمون الناس السحر) أي بتعليمهم الناس السحر الذي نسبوه إلى سليمان كفروا، ثم قال:(وما أنزل على الملكين ببابل هاروت وماروت) قال: كفر الشياطين بتعليمهم الناس السحر، وبتعليمهم إياهم بما أنزل الله على الملكين ببال هاروت وماروت - اسم الملكين -. قال الصادق عليه السلام: وكان بعد نوح عليه السلام قد كثر السحرة والمموهون، فبعث الله تعالى ملكين إلى نبي ذلك الزمان بذكرما يسحر به السحرة، وذكر ما يبطل به سحرهم ويرد به كيدهم. فتلقاه النبي عن الملكين وأداه إلى عباد الله بأمر الله، وأمرهم أن يقفوا به على السحر وأن يبطلوه، ونهاهم أن يسحروا به الناس. وهذا كما يدل على السم ماهو، وعلى مايدفع به غائلة السم، ثم يقال للمتعلم ذلك: هذا السم، فمن رأيته سم فادفع غائلته بكذا، وإياك أن تقتل بالسم أحدا. ثم قال:(وما يعلمان من أحد) وهو أن ذلك النبى أمر الملكين أن يظهرا للناس بصورة بشرين ويعلمانهم ما علمهما الله تعالى من ذلك ويعظاهم فقال الله تعالى:(وما يعلمان من أحد) ذلك السحر وإبطاله(حتى يقولا) للمتعلم:(إنما نحن فتنة): إمتحان. للعباد ليطيعوا الله عزوجل فيما يتعلمون من هذا، ويبطلوا به كيد الساحر، ولا يسحروا لهم. (فلا تكفر) باستعمال هذا السحر وطلب الاضرار به ودعاء الناس إلى أن يعتقدوا بك أنك به تحيي وتميت، وتفعل مالا يقدر عليه إلا الله تعالى، فان ذلك كفر. قال الله تعالى:(فيتعلمون) يعنى طالبي السحر(منهما) يعنى مما كتبت الشياطين على ملك سليمان من النيرنجات، وما انزل على الملكين ببابل هاروت وماروت، يتعلمون من هذين الصنفين. (ما يفرقون به بين المرء وزوجه) هذا من يتعلم للاضرار بالناس، يتعلمون التفريق بضروب الحيل والتمائم والايهام أنه قد دفن كذا وعمل كذا ليجلب قلب المرأة عن الرجل، وقلب الرجل عن المرأة، ويؤدي إلى الفراق بينهما. ثم قال الله عزوجل:(وما هم بضارين به من أحد إلا باذن الله) أي ما المتعلمون لذلك بضارين به من أحد إلا باذن الله، بتخلية الله وعلمه، فانه لو شاء لمنعهم بالجبر والقهر. ثم قال:(ويتعلمون مايضرهم ولا ينفعهم) لانهم إذا تعلموا ذلك السحر ليسحروا به ويضروا، فقد تعلموا ما يضرهم في دينهم ولا ينفعهم فيه، بل ينسلخون عن دين الله بذلك. (ولقد علموا) هؤلاء المتعلمون(لمن اشتريه) بدينه الذي ينسلخ عنه بتعلمه(ماله في الآخرة من خلاق) من نصيب في ثواب الجنة(ولبئس ما شروا به أنفسهم) ورهنوها بالعذاب(لو كانوا يعلمون) أي لو كانوا يعلمون أنهم قد باعوا الآخرة، وتركوا نصيبهم من الجنة، لان المتعلمين لهذا السحر هم الذين يعتقدون أن لا رسول، ولا إله، ولا بعث، ولا نشور. فقال:(ولقد علموا لمن اشتراه ماله في الآخرة من خلاق) لانهم يعتقدون أن لا آخرة، فهم يعتقدون أنها إذا لم تكن آخرة فلا خلاق لهم في دار بعد الدنيا، وإن كان بعد الدنيا آخرة فهم مع كفرهم بها لاخلاق لهم فيها. ثم قال:(ولبئس ماشروا به أنفسهم) باعوا به أنفسهم بالعذاب، إذا باعوا الآخرة بالدنيا ورهنوا بالعذاب الدائم أنفسهم(لو كانوا يعلمون) أنهم قد باعوا أنفسهم بالعذاب ولكن لا يعلمون ذلك لكفرهم به. فلما تركوا النظر في حجج الله حتى يعلموا، عذبهم على اعتقادهم الباطل وجحدهم الحق. قال أبويعقوب وأبوالحسن: قلنا للحسن أبي القائم عليه السلام: فان قوما عندنا يزعمون أن هاروت وماروت ملكان اختارتهما الملائكة لما كثر عصيان بني آدم، وأنزلهما الله مع ثالث لهما إلى الدنيا، وأنهما افتتنا بالزهرة، وأرادا الزنا بها، وشربا الخمر، وقتلا النفس المحرمة، وأن الله تعالى يعذبهما ببابل، وأن السحرة منهما يتعلمون السحر وأن الله تعالى مسخ تلك المرأة هذا الكوكب الذي هو الزهرة. فقال الامام عليه السلام: معاذ الله من ذلك، إن ملائكة الله تعالى معصومون من الخطأ محفوظون من الكفر والقبائح بألطاف الله تعالى، فقال الله عزوجل فيهم:(لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون مايؤمرون) وقال تعالى:(وله من في السموات والارض ومن عنده - يعني الملائكة - لا يستكبرون عن عبادته ولا يستحسرون. يسبحون الليل والنهار لا يفترون).وقال في الملائكة(بل عباد مكرمون. لا يسبقونه بالقول وهم بأمره يعملون) إلى قوله(وهم من خشيته مشفقون). ثم قال: لو كان كما يقولون، كان الله قد جعل هؤلاء الملائكة خلفاءه على الارض وكانوا كالانبياء في الدنيا وكالائمة، فيكون من الانبياء والائمة قتل النفس وفعل الزنا !؟ ثم قال: أو لست تعلم أن الله تعالى لم يخل الدنيا قط من نبي أو إمام من البشر؟ أو ليس الله يقول:(وما أرسلنا من قبلك - يعني إلى الخلق - إلا رجالا نوحي إليهم من أهل القرى) فأخبر الله أنه لم يبعث الملائكة إلى الارض ليكونوا أئمة وحكاما، وإنما ارسلو إلى أنبياء الله. قالا: قلنا له عليه السلام: فعلى هذا لم يكن إبليس أيضا ملكا؟ فقال: لا، بل كان من الجن، أما تسمعان أن الله تعالى يقول:(وإذ قلنا للملائكة اسجدوا لآدم فسجدوا إلا إبليس كان من الجن). فأخبر أنه كان من الجن، وهو الذي قال الله تعالى:(والجان خلقناه من قبل من نار السموم). وقال الامام عليه السلام: حدثني أبي، عن جدي، عن الرضا، عن آبائه عليهمالسلام، عن علي عليه السلام، عن رسول الله صلى الله عليه وآله أن الله اختارنا معاشر آل محمد، واختار النبيين واختار الملائكة المقربين، وما اختارهم إلا على علم منه بهم أنهم لا يواقعون ما يخرجون به عن ولايته، وينقطعون به عن عصمته، وينضمون به إلى المستحقين لعذابه ونقمته. قالا: فقلنا له: فقد روي لنا أن عليا عليه السلام لما نص عليه رسول الله صلى الله عليه وآله بالولاية والامامة، عرض الله في السماوات ولايته على فئام وفئام من الملائكة، فأبوها فمسخهم الله ضفادع. فقال: معاذ الله هؤلاء المكذبون لنا، المفترون علينا، الملائكة هم رسل الله فهم كسائر أنبياء الله إلى الخلق، أفيكون منهم الكفر بالله؟ قلنا: لا. قال: فكذلك الملائكة، إن شأن الملائكة عظيم، وإن خطبهم لجليل. قوله عزوجل "" يا أيها الذين آمنوا لا تقولوا راعنا وقولوا انظرنا واسمعوا وللكافرين عذاب أليم "": 104 . "