Details

تفسير الإمام الحسن العسكري عليه السلام


عن المعصومين عليهم السلام :

من طريق الراوة :



الحديث الشريف :
" ثم قال: وقال الصادق عليه ‌السلام ثم الالف حرف من حروف قولك "" الله "" دل بالالف على قولك: الله. ودل باللام على قولك: الملك العظيم، القاهر للخلق أجمعين ودل بالميم على أنه المجيد الكريم المحمود في كل أفعاله.وجعل هذا القول حجة على اليهود.وذلك أن الله تعالى لما بعث موسى بن عمران عليه ‌السلام. ثم من بعده من الانبياء إلى بني إسرائيل، لم يكن فيهم أحد إلا أخذوا عليهم العهود، والمواثيق ليؤمنن بمحمد العربي الامي المبعوث بمكة، الذي يهاجر منها إلى المدينة، يأتي بكتاب بالحروف المقطعة إفتتاح بعض سوره، يحفظه بعض أمته، فيقرؤنه قياما وقعودا ومشاة وعلى كل حال، يسهل الله عزوجل حفظه عليهم. ويقرنون بمحمد أخاه ووصيه علي بن أبي طالب عليه ‌السلام الآخذ عنه علومه التي علمها، والمتقلد عنه الامانة التى قلدها، ومذلل كل من عاند محمدا بسيفه الباتر ومفحم كل من جادله وخاصمه بدليله القاهر، يقاتل عبادالله على تنزيل كتاب الله حتى يقودهم إلى قبوله طائعين وكارهين. ثم إذا صار محمد إلى رضوان الله تعالى، وأرتد كثير ممن كان أعطاه ظاهر الايمان، وحرفوا تأويلاته، وغيروا معانيه، ووضعوها على خلاف وجوهها، قاتلهم بعد ذلك على تأويله حتى يكون إبليس - الغاوي لهم - هو الخاسئ الذليل المطرود الملعون المغلوب. قال: فلما بعث الله محمدا صلى ‌الله‌ عليه‌ وآله - وأظهره بمكة، وسيره منها إلى المدينة وأظهره بها - أنزل عليه الكتاب، وجعل أفتتاح سورته الكبرى ب‍ "" الم "" يعني الم ذلك الكتاب "" وهو ذلك الكتاب الذي أخبرت به أنبيائي السالفين أني س‍ أنزله عليك يا محمد "" لا ريب فيه "". فقد ظهر ما أخبرهم به أنبياؤهم أن محمدا ينزل عليه كتاب مبارك لا يمحوه الباطل يقرؤه هو وأمته على سائر أحوالهم. ثم اليهود يحرفونه عن جهته، ويتأولونه على غير وجهه، ويتعاطون التوصل إلى علم ما قد طواه الله عنهم من حال أجل هذه الامة، وكم مده ملكهم. فجاء إلى رسول الله صلى ‌الله‌ عليه‌ وآله منهم جماعة، فولى رسول الله صلى ‌الله‌ عليه‌ وآله عليا عليه ‌السلام مخاطبتهم فقال قائلهم: إن كان مايقول محمد حقا، فقد علمنا كم قدر ملك أمته، هو إحدى وسبعون سنة: الالف واحد، واللام ثلاثون، والميم أربعون. فقال على عليه ‌السلام: فما تصنعون ب‍ "" المص "" وقد أنزلت عليه؟ قالوا: هذه إحدى وستون ومائة سنة. فقال علي عليه ‌السلام : فما تصنعون ب‍ "" الر "" وقد أنزلت عليه؟. ف‍ قالوا: هذه أكثر، هذه مائتان وإحدى وثلاثون سنة. ف‍ قال على عليه ‌السلام: فماذا تصنعون ب‍ "" المر "" وقد أنزلت عليه؟ قالوا: هذه أكثر، هذه مائتان، وإحدى وسبعون سنة. فقال على عليه ‌السلام: فواحدة من هذه ل‍، أو جميعها له؟ فاختلط كلامهم، فبعضهم قال: له واحدة منها، وقال بعضهم: بل يجمع له كلها وذلك سبعمائة وأربع وثلاثون سنة، ثم يرجع الملك إلينا، يعني إلى اليهود. فقال على عليه ‌السلام: أكتاب من كتب الله عزوجل نطق بهذا، أم آراؤكم دلت عليه؟ فقال بعضهم: كتاب الله نطق به. وقال آخرون: بل آراؤنا دلت عليه. فقال على عليه ‌السلام: فاتوا بكتاب منزل من عندالله ينطق بما تقولون. فعجزوا عن إيراد ذلك، وقال للاخرين: فدلونا على صواب هذا الرأي؟ فقالوا: صواب رأينا دليله على أن هذا الحساب الجمل. فقال على عليه ‌السلام: وكيف دل على ما تقولون، وليس في هذه الحروف إلا ما أقترحتم بلا بيان !؟ أرأيتم إن قيل لكم: إن هذه الحروف ليست دالة على هذه المدة لملك أمة محمد صلى ‌الله‌ عليه‌ وآله، ولكنها دالة على أن عند كل واحد منكم دينا بعدد هذا الحساب دراهم أو دنانير، أو على : أن لعلي على كل واحد منكم دينا عدد ماله مثل عدد هذا الحساب، أو على: أن كل واحد منكم قد لعن بعدد هذا الحساب. قالوا: يا أبا الحسن ليس شئ مما ذكرته منصوصا عليه في "" الم "" و "" المص "" و "" الر "" و "" المر "". فقال على عليه ‌السلام: ولا شئ مما ذكرتموه منصوصا عليه في "" الم "" و "" المص "" و "" الر "" و "" المر "" فان بطل قولنا(بما قلتم، بطل قولكم بما قلنا) فقال خطيبهم، ومنطيقهم: لا تفرح يا علي بأن عجزنا عن إقامة حجة على دعوانا، فأي حجة لك في دعواك إلا أن تجعل عجزنا حجتك، فاذا مالنا حجة فيما نقول ولا لكم حجة فيما تقولون. قال على عليه ‌السلام: لا سواء، إن لنا حجة هي المعجزة الباهرة. ثم نادى جمال اليهود: يا أيتها الجمال اشهدي لمحمد ولوصيه. فنادت الجمال: صدقت صدقت يا علي يا وصي محمد، وكذب هؤلاء اليهود . فقال على عليه ‌السلام: هؤلاء خير من اليهود، يا ثياب اليهود التي عليهم اشهدي لمحمد صلى ‌الله‌ عليه‌ وآله ولوصيه. فنطقت ثيابهم كلها: صدقت صدقت يا علي، نشهد أن محمدا رسول الله حقا وأنك يا علي وصيه حقا، لم يثبت محمد قدما في مكرمة إلا وطئت على موضع قدمه بمثل مكرمته، فأنتما شقيقان من أشرف أنوار الله تعالى، فميزتما اثنين وأنتما في الفضائل شريكان، إلا أنه لا نبي محمد صلى ‌الله‌ عليه‌ وآله. فعند ذلك خزيت اليهود، وآمن بعض النظارة منهم برسول الله صلى ‌الله‌ عليه‌ وآله، وغلب الشقاء على اليهود، وبعض النظارة الآخرين، فذلك ما قال الله تعالى "" لا ريب فيه "" إنه كما قال محمد صلى ‌الله‌ عليه‌ وآله، ووصي محمد عن قول محمد صلى ‌الله‌ عليه‌ وآله، عن قول رب العالمين. ثم قال: "" هدى "" بيان وشفاء "" للمتقين "" من شيعة محمد وعلي عليهما الصلاة والسلام. إنهم اتقوا أنواع الكفر فتركوها، واتقوا أنواع الذنوب الموبقات فرفضوها واتقوا إظهار أسرار الله تعالى، وأسرار أزكياء عباده الاوصياء بعد محمد صلى ‌الله‌ عليه‌ وآله، فكتموها. واتقوا ستر العلوم عن أهلها المستحقين لها، وفيهم نشروها قوله عزوجل "" الذين يؤمنون بالغيب "": 3 . "


   Back to List