عن المعصومين عليهم السلام :
من طريق الراوة :
الحديث الشريف :
" قال الامام عليه السلام: قال علي بن الحسن زين العابدين عليه السلام وذلك أن رسول الله صلى الله عليه وآله(لما آمن به عبدالله بن سلام بعد مسائله التي سألها رسول الله صلى الله عليه وآله وجوابه) إياه عنها قال له: يا محمد بقيت واحدة، وهي المسألة الكبرى والغرض الاقصى: من الذي يخلفك بعدك، ويقضي ديونك، وينجز عداتك، ويؤدي أماناتك ويوضح عن آياتك وبيناتك؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: أولئك أصحابي قعود، فامض إليهم فسيدلك النور الساطع في دائرة غرة ولي عهدي وصفحة خديه، وسينطق طومارك بأنه هو الوصي، وستشهد جوارحك بذلك فصار عبدالله إلى القوم فرأى عليا عليه السلام يسطع من وجهه نور يبهر نور الشمس ونطق طوماره وأعضاء بدنه كل يقول: يابن سلام هذا علي بن أبي طالب عليه السلام المالئ جنان الله بمحبيه، ونيرانه بشانئيه، الباث دين الله في أقطار الارض وآفاقها، والنافي للكفر عن نواحيها وأرجائها.فتمسك بولايته تكن سعيدا، واثبت على التسليم له تكن رشيدا. فقال عبدالله بن سلام: يا رسول الله هذا وصيك الذي وعد في التوراة أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله المصطفى، وأمينه المرتضى، وأميره على جميع الورى، وأشهد أن عليا أخوه وصفيه، ووصيه القائم بأمره المنجز لعداته، المؤدي لاماناته، الموضح لآياته وبيناته والدافع للاباطيل بدلائله ومعجزاته، وأشهد أنكما اللذان بشر بكما موسى ومن قبله من الانبياء ودل عليكما المختارون من الاصفياء. ثم قال لرسول الله صلى الله عليه وآله: قد تمت الحجج، وانزاحت العلل، وانقطعت المعاذير فلا عذر لي إن تأخرت عنك، ولا خير في إن تركت التعصب لك. ثم قال: يا رسول الله إن اليهود قوم بهت وإنهم إن سمعوا باسلامي(وقعوا في) فاخبأني عندك فاطلبهم فاذا جاءوك فاسألهم عن حالي ورتبتي بينهم لتسمع قولهم في قبل أن يعلموا باسلامي، وبعده لتعلم أحوالهم. فخبأه رسول الله صلى الله عليه وآله في بيته، ثم دعا قوما من اليهود، فحضروه وعرض عليهم أمره فأبوا، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: بمن ترضون حكما بيني وبينكم؟ قالوا: بعبدالله بن سلام. قال: وأي رجل هو؟ قالوا: رئيسنا وابن رئيسنا، وسيدنا وابن سيدنا، وعالمنا وابن عالمنا، وورعنا وابن ورعنا، وزاهدنا وابن زاهدنا. فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: أرأيتم إن آمن بي أتؤمنون؟ قالوا: قد أعاذه الله من ذلك ثم أعادها، فأعادوها، فقال: اخرج عليهم يا عبدالله بن سلام وأظهر ما قد أظهره الله لك من أمر محمد. فخرج عليهم وهو يقول: أشهد أن لا إلا الله وحده لا شريك له، و أشهد وأن محمدا عبده ورسوله المذكور في التوراة والانجيل والزبور وصحف إبراهيم وسائر كتب الله، المدلول فيها عليه وعلى أخيه علي بن أبي طالب عليه السلام. فلما سمعوه يقول ذلك قالوا: يا محمد، سفيهنا وابن سفيهنا، وشرنا وابن شرنا وفاسقنا وابن فاسقنا، وجاهلنا وابن جاهلنا، كان غائبا عنا، فكرهنا أن نغتابه. فقال عبدالله: فهذا الذي كنت أخافه يا رسول الله. ثم إن عبدالله حسن إسلامه ولحقه القصد الشديد من جيرانه من اليهود، وكان رسول الله صلى الله عليه وآله في حمارة القيظ في مسجده يوما إذ دخل عليه عبدالله بن سلام. و قد كان بلال أذن للصلاة والناس بين قائم وقاعد وراكع وساجد، فنظر رسول الله صلى الله عليه وآله إلى وجه عبدالله فرآه متغيرا، وإلى عينيه دامعتين، فقال: مالك يا عبدالله؟. فقال يا رسول الله قصدتني اليهود، وأساءت جواري وكل ماعون لي استعاروه مني كسروه وأتلفوه، وما استعرت منهم منعونيه، ثم زاد أمرهم بعد هذا، فقد اجتمعوا وتواطؤوا وتحالفوا على أن لا يجالسني أحد منهم، ولا يبايعني ولا يشاورني ولا يكلمني ولا يخالطني، وقد تقدموا بذلك إلى من في منزلي، فليس يكلمني أهلي وكل جيراننا يهود، وقد استوحشت منهم، فليس لي من أنس بهم، والمسافة ما بيننا وبين مسجدك هذا ومنزلك بعيدة، فليس يمكنني في كل وقت يلحقني ضيق صدر منهم أن أقصد مسجدك أو منزلك. فلما سمع ذلك رسول الله صلى الله عليه وآله غشيه ما كان يغشاه عند نزول الوحي عليه من تعظيم أمر الله تعالى، ثم سري عنه وقد انزل عليه: (أنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون. ومن يتول الله ورسوله والذين آمنوا فان حزن الله هم الغالبون). قال: يا عبدالله بن سلام(إنما وليكم الله) ناصركم الله على اليهود القاصدين بالسوء لك(ورسوله) انما وليك وناصرك(والذين آمنوا الذين - صفتهم أنهم - يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون) أي وهم في ركوعهم. ثم قال: يا عبدالله بن سلام(ومن يتول الله ورسوله والذين آمنوا) من يتولاهم، ووالى أولياءهم، وعادى أعداءهم، ولجأ عند المهمات إلى الله ثم إليهم(فان حزب الله) جنده(هم الغالبون) لليهود وسائر الكافرين، أي فلا يهمنك يابن سلام، فان الله تعالى هو ناصرك وهؤلاء أنصارك، وهو كافيك شرور أعدائك وذائد عنك مكايدهم. فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: يا عبدالله بن سلام أبشر، فقد جعل الله لك أولياء خيرا منهم: الله، ورسوله، والذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة، ويؤتون الزكاة، وهم راكعون. فقال عبدالله بن سلام: يا رسول الله من هؤلاء الذين آمنوا؟ فنظر رسول الله صلى الله عليه وآله إلى سائل، فقال: هل أعطاك أحد شيئا الآن؟ قال: نعم ذلك المصلي، أشار إلى بأصبعه: أن خذ الخاتم. فأخذته فنظرت إليه والى الخاتم، فاذا هو خاتم علي بن أبي طالب عليه السلام. فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: الله أكبر، هذا وليكم بعدي وأولى الناس بالناس بعدي علي بن أبي طالب عليه السلام. قال: ثم لم يلبث عبدالله إلا يسيرا حتى مرض بعض جيرانه، وافتقر وباع داره، فلم يجد لها مشتريا غير عبدالله، واسر آخر من جيرانه فالجئ إلي بيع داره، فلم يجد لها مشتريا غير عبدالله، ثم لم يبق من جيرانه من اليهود أحد إلا دهته داهية، واحتاج - من أجلها - إلى بيع داره، فملك عبدالله تلك المحلة، وقلع الله شأفة اليهود، وحول عبدالله إلى تلك الدور قوما من خيار المهاجرين، وكانوا له أناسا وجلاسا، ورد الله كيد اليهود في نحورهم، وطيب الله عيش عبدالله بايمانه برسول الله وموالاته لعلي ولي الله، عليهما الصلاة والسلام.قوله عزوجل: "" أو كلما عاهدوا عهدا نبذه فريق منهم بل أكثرهم لا يؤمنون "": 100 "