عن المعصومين عليهم السلام :
من طريق الراوة :
الحديث الشريف :
" قال الحسن بن على بن أبى طالب عليهما السلام: لما كاعت اليهود عن هذا التمني، وقطع الله معاذيرها، قالت طائفة منهم - وهم بحضرة رسول الله صلى الله عليه وآله وقد كاعوا، وعجزوا -: يا محمد فأنت والمؤمنون المخلصون لك مجاب دعاؤكم، وعلى أخوك ووصيك أفضلهم وسيدهم؟ ! قال رسول الله صلى الله عليه وآله: بلى. قالوا: يا محمد فان كان هذا كما زعمت، فقل لعلي عليه السلام يدعو الله لابن رئيسنا هذا، فقد كان من الشباب جميلا نبيلا وسيما قسيما، لحقه برص وجذام وقد صار حمى لا يقرب، ومهجورا لا يعاشر، يتناول الخبز على أسنة الرماح.فقال رسول صلى الله عليه: ائتوني به.فاتى به، ونظر رسول الله صلى الله عليه وآله وأصحابه منه إلى منظر فظيع، سمج، قبيح، كريه، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: يا أبا حسن ادع الله له بالعافية، فان الله تعالى يجيبك فيه. فدعا له، فلما كان بعد فراغه من دعائه إذ الفتى قد زال عنه كل مكروه، وعاد إلى أفضل ماكان عليه من النبل والجمال والوسامة والحسن في المنظر. فقال رسول الله صلى الله عليه وآله للفتى: يا فتى آمن بالذي أغاثك من بلائك. قال الفتى: قد آمنت - وحسن إيمانه -. فقال أبوه: يا محمد ظلمتني وذهبت مني بابني، ليته كان أجذم وأبرص كما كان ولم يدخل في دينك، فان ذلك كان أحب إلى.قال رسول الله صلى الله عليه وآله.لكن الله عزوجل قد خلصه من هذه الآفة، وأوجب له نعيم الجنة. قال أبوه: يا محمد ماكان هذا لك ولا لصاحبك، إنما جاء وقت عافيته فعوفي وإن كان صاحبك هذا - يعني عليا عليه السلام - مجابا في الخير فهو أيضا مجاب في الشر فقل له يدعو على بالجذام والبرص، فاني أعلم أنه لا يصيبني، ليتبين لهؤلاء الضعفاء - الذين قد اغتروا بك - أن زواله عن ابني لم يكن بدعائه. فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: يا يهودي اتق الله، وتهنأ بعافية الله إياك، ولا تتعرض للبلاء ولما لا تطيقه، وقابل النعمة بالشكر، فان من كفرها سلبها، ومن شكرها امترى مزيدها. فقال اليهودي: من شكر نعم الله تكذيب عدو الله المفتري عليه، وإنما اريد بهذا أن اعرف ولدي أنه ليس مما قلت له وادعيته قليل ولا كثير، وأن الذي أصابه من خير لم يكن بدعاء علي صاحبك. فتبسم رسول الله صلى الله عليه وآله وقال: يا يهودي هبك قلت أن عافية ابنك لم تكن بدعاء علي عليه السلام، وإنما صادف دعاؤه وقت مجئ عافيته، أرأيت لو دعا عليك علي عليه السلام بهذاالبلاء الذي اقترحته فأصابك، أتقول إن ما أصابني لم يكن بدعائه، ولكن لانه صادف دعاؤه وقت مجئ بلائي؟ فقال: لا أقول هذا، لان هذا احتجاج مني على عدو الله في دين الله، واحتجاج منه علي، والله أحكم من أن يجيب إلى مثل هذا، فيكون قد فتن عباده، ودعاهم إلى تصديق الكاذبين. فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: فهذا في دعاء علي لابنك كهو في دعائه عليك، لا يفعل الله تعالى مايلبس به على عباده دينه، ويصدق به الكاذب عليه. فتحير اليهودي لما أبطل صلى الله عليه وآله شبهته، وقال: يا محمد ! ليفعل علي هذا بي إن كنت صادقا. فقال رسول الله صلى الله عليه وآلهوسلم لعلي عليه السلام: يا أبا الحسن قد أبى الكافر إلا عتوا وطغيانا وتمردا، فادع عليه بما اقترح، وقل: اللهم ابتله ببلاء ابنه من قبل. فقالها، فأصاب اليهودي داء ذلك الغلام مثل ما كان فيه الغلام من الجذام والبرص، واستولى عليه الالم والبلاء، وجعل يصرخ ويستغيث ويقول: يا محمد قد عرفت صدقك فأقلني. فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: لو علم الله صدقك لنجاك، ولكنه عالم بأنك لاتخرج عن هذا الحال إلا ازددت كفرا، ولو علم أنه إن نجاك آمنت به لجاد عليك بالنجاة فانه الجواد الكريم. قال عليه السلام: فبقي اليهودي في ذلك الداء والبرص أربعين سنة آية للناظرين وعبرة للمتفكرين وعلامة وحجة بينة لمحمد صلى الله عليه وآله باقية في الغابرين وبقي ابنه كذلك معافى صحيح الاعضاء والجوارح ثمانين سنة عبرة للمعتبرين، وترغيبا للكافرين في الايمان، وتزهيدا لهم في الكفر والعصيان. وقال رسول الله صلى الله عليه وآله حين حل ذلك البلاء باليهودي بعد زوال البلاء عن ابنه: عباد الله إياكم والكفر لنعم الله، فانه مشوم على صاحبه، ألا وتقربوا إلى الله بالطاعات يجزل لكم المثوبات، وقصروا أعماركم في الدنيا بالتعرض لاعداء الله في الجهاد لتنالوا طول أعمار الاخرة في النعيم الدائم الخالد، وابذلوا أموالكم في الحقوق اللازمة ليطول غناكم في الجنة. فقام ناس فقالوا: يا رسول الله نحن ضعفاء الابدان قليلو الاموال لا نفي بمجاهدة الاعداء، ولا تفضل أموالنا عن نفقات العيالات، فماذا نصنع؟ قال رسول الله صلى الله عليه وآله: ألا فلتكن صدقاتكم من قلوبكم وألسنتكم. قالوا: كيف يكون ذلك يا رسول الله؟ قال صلى الله عليه وآله: أما القلوب فتقطعونها على حب الله، وحب محمد رسول الله، وحب علي ولي الله ووصي رسول الله، وحب المنتجبين للقيام بدين الله، وحب شيعتهم ومحبيهم، وحب إخوانكم المؤمنين، والكف عن اعتقادات العداوة والشحناء والبغضاء. وأما الالسنة فتطلقونها بذكر الله تعالى بما هو أهله، والصلاة على نبيه محمد وآله الطيبين، فان الله تعالى بذلك يبلغكم أفضل الدرجات، وينيلكم به المراتب العاليات. قوله عزوجل: "" قل من كان عدوا لجبريل فانه نزله على قلبك باذن الله مصدقا لما بين يديه وهدى وبشرى للمؤمنين. من كان عدوا لله وملائكته ورسله وجبريل وميكال فان الله عدو للكافرين "": 98. "