عن المعصومين عليهم السلام :
من طريق الراوة :
الحديث الشريف :
" ومحمد هو الذي لما جاءه رسول أبى جهل يتهدده ويقول: يا محمد إن الخبوط التي في رأسك هي التي ضيقت عليك مكة، ورمت بك إلى يثرب، وإنها لا تزال بك حتى تنفرك وتحثك على ما يفسدك ويتلفك إلى أن تفسدها على أهلها، وتصليهم حر نار تعديك طورك، وما أرى ذلك إلا وسيؤول إلى أن تثور عليك قريش ثورة رجل واحد لقصد آثارك، ودفع ضررك وبلائك، فتلقاهم بسفهائك المغترين بك، ويساعدك على ذلك من هو كافر بك مبغض لك، فيلجئه إلى مساعدتك ومظافرتك خوفه لان يهلك بهلاكك، و تعطب عياله بعطبك، ويفتقر هو ومن يليه بفقرك، وبفقر متبعيك، إذ يعتقدون أن أعداءك إذا قهروك ودخلوا ديارهم عنوة لم يفرقوا بين من والاك وعاداك واصطلموهم باصطلامهم لك، وأتوا على عيالاتهم وأموالهم بالسبي والنهب، كما يأتون على أموالك وعيالك، وقد أعذر من أنذر وبالغ من أوضح. اديت هذه الرسالة إلى محمد صلى الله عليه وآله وهو بظاهر المدينة بحضرة كافة أصحابه وعامة الكفار به من يهود بني إسرائيل، وهكذا أمر الرسول، ليجنبوا المؤمنين ويغروا بالوثوب عليه سائر من هناك من الكافرين. فقال رسول الله صلى الله عليه وآله للرسول: قد أطريت مقالتك؟ واستكملت رسالتك؟ قال: بلى. قال صلى الله عليه وآله فاسمع الجواب: إن أبا جهل بالمكاره والعطب يهددني، ورب العالمين بالنصر والظفر يعدني، وخبر الله أصدق، والقبول من الله أحق، لن يضر محمدا من خذله، أو يغضب عليه بعد أن ينصره الله عزوجل، ويتفضل بجوده وكرمه عليه. قل له: يا أباجهل إنك راسلتني بما ألقاه في خلدك الشيطان، وأنا اجيبك بما ألقاه في خاطري الرحمن: إن الحرب بيننا وبينك كائنة إلى تسعة وعشرين يوما وإن الله سيقتلك فيها بأضعف أصحابي، وستلقى أنت وعتبة وشيبة والوليد، وفلان وفلان - وذكر عددا من قريش - في "" قليب بدر "" مقتلين أقتل منكم سبعين، وآسر منكم سبعين، أحملهم على الفداء العظيم الثقيل. ثم نادى جماعة من بحضرته من المؤمنين واليهود والنصارى وسائر الاخلاط: ألا تحبون أن اريكم مصرع كل واحد من هؤلاء؟ قالوا: بلى. قال: هلموا إلى بدر فان هناك الملتقى والمحشر، وهناك البلاء الاكبر، لاضع قدمي على مواضع مصارعهم، ثم ستجدونها لاتزيد ولاتنقص، ولا تتغير ولاتتقدم، ولا تتأخر لحظة، ولا قليلا ولا كثيرا. فلم يخف ذلك على أحد منهم، ولم يحبه إلا علي بن أبي طالب وحده، وقال: نعم، بسم الله. فقال الباقون: نحن نحتاج إلى مركوب وآلات ونفقات، فلا يمكننا الخروج إلى هناك وهو مسيرة أيام. فقال رسول الله صلى الله عليه وآله لسائر اليهود: فأنتم ماذا تقولون؟ قالوا: نحن نريد أن نستقر في بيوتنا، ولا حاجة لنا في مشاهدة ما أنت في أدعائه محيل. فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: لا نصب عليكم في المسير إلى هناك، اخطوا خطوة واحدة فان الله يطوى الارض لكم ويوصلكم في الخطوة الثانية إلى هناك. فقال المؤمنون: صدق رسول الله صلى الله عليه وآله، فلنتشرف بهذه الآية. وقال الكافرون والمنافقون: سوف نمتحن هذا الكذب لينقطع عذر محمد، وتصير دعواه حجة عليه، وفاضحة له في كذبه. قال: فخطا القوم خطوة، ثم الثانية، فاذاهم عند بئر بدر فعجبوا، فجاء رسول الله صلى الله عليه وآله فقال: اجعلوا البئر العلامة، واذرعوا من عندها كذا ذرعا. فذرعوا، فلما انتهوا إلى آخرها قال: هذا مصرع أبي حهل، يجرحه فلان الانصاري ويجهز عليه عبدالله بن مسعود أضعف أصحابي. ثم قال: اذرعوا من البئر من جانب آخر ثم جانب آخر، ثم جانب آخر كذا وكذا ذراعا وذراعا، وذكر أعداد الاذرع مختلفة. فلما انتهى كل عدد إلى آخره قال رسول الله صلى الله عليه وآله: هذا مصرع عتبة، وذلك مصرع شيبة، وذاك مصرع الوليد، وسيقتل فلان وفلان - إلى أن(سمى تمام) سبعين منهم بأسمائهم - وسيؤسر فلان وفلان إلى أن ذكر سبعين منهم بأسمائهم وأسماء آبائهم وصفاتهم، ونسب المنسوبين إلى الآباء منهم، ونسب الموالي منهم إلى مواليهم. ثم قال رسول الله صلى الله عليه وآله: أوقفتم على ما أخبرتكم به؟ قالوا: بلى. قال(إن ذلك لحق) كائن بعد ثمانية وعشرين يوما من اليوم في اليوم التاسع والعشرين وعدا من الله مفعولا، وقضاء حتما لازما. ثم قال رسول الله صلى الله عليه وآله: يا معشر المسلمين واليهود اكتبوا بما سمعتم. فقالوا: يا رسول الله صلى الله عليه وآله قد سمعنا، ووعينا ولا ننسى. فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: الكتابة أفضل و أذكر لكم. فقالوا يارسول الله صلى الله عليه وآله وأين الدواة والكتف؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وآله ذلك للملائكة، ثم قال: ياملائكة ربي اكتبوا ما سمعتم من هذه القصة في أكتاف، واجعلوا في كم كل واحد منهم كتفا من ذلك. ثم قال: معاشر المسلمين تأملوا أكمامكم وما فيها وأخرجوه واقرؤوه. فتأملوها فاذا في كم كل واحد منهم صحيفة، قرأها، وإذا فيها ذكر ما قال رسول الله صلى الله عليه وآله في ذلك سواء، لا يزيد ولا ينقص ولا يتقدم ولا يتأخر. فقال: أعيدوها في أكمامكم، تكن حجة عليكم، وشرفا للمؤمنين منكم، وحجة على الكافرين. فكانت معهم. فلما كان يوم بدر جرت الامور كلها ببدر، ووجدوها كما قال صلى الله عليه وآله، لا يزيد ولا ينقص قابلوا بها ما في كتبهم فوجدوها كما كتبته الملائكة لا تزيد ولا تنقص ولا تتقدم ولا تتأخر، فقبل المسلمون ظاهرهم، ووكلوا باطنهم إلى خالقهم. فلما أفضى بعض هؤلاء اليهود إلى بعض قالوا: أي شئ صنعتم؟ أخبرتموهم بما فتح الله عليكم من الدلالات على صدق نبوة محمد صلى الله عليه وآله، وإمامة أخيه علي عليه السلام(ليحاجوكم به عند ربكم) بأنكم كنتم قد علمتم هذا وشاهدتموه فلم تؤمنوا به ولم تطيعوه. وقدروا بجهلهم أنهم إن لم يخبروهم بتلك الآيات لم يكن له عليهم حجة في غيرها ثم قال عزوجل:(أفلا تعقلون) أن هذا الذي تخبرونهم به مما فتح الله عليكم من دلائل نبوة محمد صلى الله عليه وآله حجة عليكم عند ربكم؟ ! قال الله عزوجل:(أولا يعلمون)؟ يعني أولا يعلم هؤلاء القائلون لاخوانهم: "" أتحدثونهم بما فتح الله عليكم "":(أن الله يعلم ما يسرون) من عداوة محمد صلى الله عليه وآله ويضمرونه من أن إظهارهم الايمان به أمكن لهم من اصطلامه وإبارة أصحابه(وما يعلنون) من الايمان ظاهرا ليؤنسوهم، ويقفوا به على أسرارهم فيذيعوها بحضرة من يضرهم. وأن الله لما علم ذلك دبر لمحمد تمام أمره، وبلوغ غاية ما أراده الله ببعثه وأنه يتم أمره، وأن نفاقهم وكيادهم لا يضره قوله عزوجل: "" ومنهم اميون لايعلمون الكتاب الا أمانى وان هم الا يظنون فويل للذين يكتبون الكتاب بأيديهم ثم يقولون هذا من عند الله ليشتروا به ثمنا قليلا فويل لهم مما كتبت أيديهم وويل لهم مما يكسبون "": 78-79 "