Details

تفسير الإمام الحسن العسكري عليه السلام


عن المعصومين عليهم السلام :

من طريق الراوة :



الحديث الشريف :
" ثم وصف هؤلاء الفاسقين الخارجين عن دين الله وطاعته منهم، فقال عزوجل:(الذين ينقضون عهد الله) المأخوذ عليهم الله بالربوبية، ولمحمد صلى ‌الله‌ عليه‌ وآله بالنبوة، ولعلي بالامامة، ولشيعتهما بالمحبة والكرامة(من بعد ميثاقه) إحكامه وتغليظه. (ويقطعون ما أمر الله به أن يوصل) من الارحام والقرابات أن يتعاهدوهم ويقضوا حقوقهم. وأفضل رحم، وأوجبه حقا رحم محمد صلى ‌الله‌ عليه‌ وآله فان حقهم بمحمد صلى ‌الله‌ عليه‌ وآله كما أن حق قرابات الانسان بأبيه وأمه، ومحمد صلى ‌الله‌ عليه‌ وآله أعظم حقا من أبويه، وكذلك حق رحمه أعظم، وقطيعته أقطع وأفضع وأفضح. (ويفسدون في الارض) بالبراء‌ة ممن فرض الله إمامته، واعتقاد إمامة من قد فرض الله مخالفته(أولئك) أهل هذه الصفة(هم الخاسرون) خسروا أنفسهم لما صاروا إلى النيران، وحرموا الجنان، فيالها من خسارة ألزمتهم عذاب الابد، وحرمتهم نعيم الابد. قال: وقال الباقر عليه ‌السلام: ألا ومن سلم لنا مالا يدريه، ثقة بأنا محقون عالمون لا نقف به إلا على أوضح المحجات، سلم الله تعالى إليه من قصور الجنة أيضا مالا يعلم قدرها هو، ولا يقادر قدرها إلا خالقها وواهبها. الاو من ترك المراء والجدال واقتصر على التسليم لنا، وترك الاذى، حبسه الله على الصراط، فجاء‌ته الملائكة تجادله على أعماله، وتواقفه على ذنوبه، فاذا النداء من قبل الله عزوجل: يا ملائكتي عبدي هذا لم يجادل، وسلم الامر لائمته، فلا تجادلوه، وسلموه في جناني إلى أئمته يكون متبجحا فيها، بقربهم كما كان مسلما في الدنيا لهم. واما من عارضنا بلم؟ وكيف؟ ونقض الجملة بالتفصيل، قالت له الملائكة على الصراط: واقفنا يا عبدالله، وجادلنا على أعمالك كما جادلت أنت في الدنيا الحاكين لك عن أئمتك. فيأتيهم النداء: صدقتم، بما عامل فعاملوه، ألا فواقفوه. فيواقف ويطول حسابه ويشتد في ذلك الحساب عذابه، فما أعظم هناك ندامته، وأشد حسراته، لا ينجيه هناك إلا رحمة الله - إن لم يكن فارق في الدنيا جملة دينه - وإلا فهو في النار أبدا الآباد. و قال الباقر عليه ‌السلام: ويقال للموفي بعهوده - في الدنيا في نذوره وإيمانه ومواعيده -: يا أيتها الملائكة وفى هذا العبد في الدنيا بعهوده، فأوفوا له ههنا بما وعدناه، وسامحوه، ولا تناقشوه. فحينئذ تصيره الملائكة إلى الجنان. وأما من قطع رحمه، فان كان وصل رحم محمد صلى ‌الله‌ عليه‌ وآله و قد قطع رحم نفسه شفع أرحام محمد صلى ‌الله‌ عليه‌ وآله له إلى رحمه، وقالوا له: لك من حسناتنا وطاعاتنا ما شئت، فاعف عنه. فيعطونه منها ما يشاء، فيعفو عنه، ويعطي الله المعطين ما ينفعهم ولا ينقصهم. وان كان وصل أرحام نفسه، وقطع أرحام محمد صلى ‌الله‌ عليه‌ وآله بأن جحد حقوقهم ودفعهم عن واجبهم، وسمى غيرهم بأسمائهم، ولقب غيرهم بألقابهم، ونبز بالالقاب القبيحة مخالفيه من أهل ولايتهم. قيل له: يا عبدالله اكتسبت عداوة آل محمد الطهر أئمتك، لصداقة هؤلاء فاستعن بهم الآن ليعينوك، فلا يجد معينا ولا مغينا، ويصير إلى العذاب الاليم المهين. قال الباقر عليه ‌السلام: ومن سمانا بأسمائنا ولقبنا بألقابنا ولم يسم أضدادنا بأسمائنا ولم يلقبهم بألقابنا إلا عند الضرورة التي عند مثلها نسمي نحن، ونلقب أعداء‌نا بأسمائنا وألقابنا، فان الله عزوجل يقول لنا يوم القيامة: اقترحوا لاوليائكم هؤلاء ما تعينونهم به. فنقترح لهم على الله عزوجل ما يكون قدر الدنيا كلها فيه كقدر خردلة في السماوات والارض، فيعطيهم الله تعالى إياه، ويضاعفه لهم أضعافا مضاعفات. فقيل للباقر عليه ‌السلام: فان بعض من ينتحل موالاتكم يزعم أن البعوضة علي عليه ‌السلام وأن ما فوقها - وهو الذباب - محمد رسول الله صلى ‌الله‌ عليه‌ وآله. فقال الباقر عليه ‌السلام: سمع هؤلاء شيئا و لم يضعوه على وجهه. إنما كان رسول الله صلى ‌الله‌ عليه‌ وآله قاعدا ذات يوم هو وعلي عليه ‌السلام إذ سمع قائلا يقول: ماشاء الله وشاء محمد، وسمع آخر يقول: ما شاء الله، وشاء علي. فقال رسول الله صلى ‌الله‌ عليه‌ وآله: لا تقرنوا محمدا و لا عليا بالله عزوجل ولكن قولوا: ماشاء الله ثم شاء محمد ماشاء الله ثم شاء علي. إن مشية الله هي القاهرة التي لا تساوى، ولا تكافأ ولا تدانى. وما محمد رسول الله في دين الله وفي قدرته إلا كذبابة تطير في هذه الممالك الواسعة. وما على عليه ‌السلام في دين الله وفي قدرته إلا كبعوضة في جملة هذه الممالك. مع أن فضل الله تعالى على محمد وعلي هو الفضل الذي لا يفي به فضله على جميع خلقه من أول الدهر إلى آخره. هذا ما قال رسول الله صلى ‌الله‌ عليه‌ وآله في ذكر الذباب والبعوضة في هذا المكان فلا يدخل في قوله:(إن الله لا يستحي أن يضرب مثلا مابعوضة) قوله عزوجل: "" كيف تكفرون بالله وكنتم أمواتا فأحياكم ثم يميتكم ثم يحييكم ثم اليه ترجعون "" 28 . "


   Back to List